مسطرة الاكراه البدني بين النص القانوني والعمل القضائي

نوفمبر 18, 2021 أبريل 03, 2024 0 مراجعة
مسطرة الاكراه البدني بين النص القانوني والعمل القضائي


تتجلى أهمية دراسة مسطرة الإكراه البدني ، في أهمية و نجاعة هذه و المسطرة في تنفيذ الأحكام القضائية ، باعتبارها أحد أهم الوسائل الإذعانية التي تحقق نتائج إيجابية على مستوى التنفيذ الجبري للأحكام . 

كما تتجلى هذه الأهمية في حساسية ودقة هذه المسطرة ، التي تهدف إلى خلق توازن إيجابي بين الحقوق و الواجبات بين الأفراد داخل المجتمع ، فمن جهة فهي تمس بحرية المدين الخاضع لهذه المسطرة ، ومن جهة أخرى تهدف إلى الحفاظ على حقوق الدائن المادية ، وبالتالي استقرار المعاملات ، لهذه الأسباب فقد خصها المشرع بمسطرة دقيقة ، وخصها بعدة مستويات من الرقابة القضائية ، إلا أن تطبيقها العملي يعرف العديد من الإشكالات .

 إذا فإلى أي حد يسعف النص القانوني العمل القضائي في فرض رقابة فعالة على مسطرة الإكراه البدني ، بما يكفل حسن تطبيقها ؟

 للإجابة على هذا الإشكال عملت على تقسيم موضوع الدراسة إلى فصلين وفق التصميم التالي : 

  • الفصل الأول : التنظيم القانوني لمسطرة الإكراه البدني في التشريع المغربي . 
  • المبحث الأول : مجالات تطبيق الإكراه البدني والأجهزة المتدخلة فيه
  • المبحث الثاني : شروط تطبيق الإكراه البدني وموانعه وحالات انتهائه
  • الفصل الثاني : الرقابة القضائية على تطبيق مسطرة الإكراه البدني 
  • المبحث الأول : دور قاضي تنفيذ العقوبات في مسطرة الإكراه البدني .
  • المبحث الثاني : دور قاضي المستعجلات في مراقبة صحة إجراءات الإكراه البدني .

الفصل الأول : التنظيم القانوني لمسطرة الإكراه البدني في التشريع المغربي .

 إن الإكراه البدني باعتباره أحد أهم الآليات الإذعانية التي تهدف إلى إجبار المحكوم عليه بالأداء ، على تنفيذ الحكم الصادر ضده ، وذلك عن طريق إيداعه بالسجن ، عرف انتقادات متعددة ونداءات متزايدة بإلغائه ، باعتباره إجراء يحط من الكرامة الإنسانية . 


وهكذا فقد تغيرت نظرة التشريعات الحديثة لهذا النظام ، فعمدت إما إلى إلغائه بصفة نهائية ، أو إلى تضييق مجالات تطبيقه بجعله ينحصر في الأداءات المالية المحكوم بها في المسائل الجنائية ، وكذا في تحصيل الديون العمومية .

 أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد حاول خلق توافق ايجابي ، بين الاتجاه القائل بإلغاء الإكراه البدني ، والاتجاه القائل بالإبقاء عليه ، إذا أقر إمكانية اللجوء إلى تنفيذ الأحكام الصادرة بالأداء ، عن طريق هذه الآلية التنفيذية التي أثبتت نجاعتها ، على مستوى تنفيذ الأحكام القضائية ، إلا انه قيد اللجوء إليها بعدة قيود وشروط قانونية وإجرائية صارمة ، بمناسبة مراجعة قانون المسطرة الجنائية. 

و سعيا منه إلى مسايرة الطفرة الكبرى التي عرفها مجال حقوق الإنسان ببلادنا ، والحرص على صيانة هذه الحقوق والمكتسبات ، والتزاما بالمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب ، خاصة منها العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية ، الذي تنص مادته 11 على أنه " لا يجوز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي " .

 فإن المشرع عمد إلى إصدار القانون رقم 30-06 الذي عدل بموجبه ظهير 20 فبراير 1961. حيث أصبح الفصل الأول منه مصاغا على الشكل التالي " إن تنفيذ جميع الأحكام والقرارات النهائية الصادرة بأداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني .


المطلب الأول : مجالات تطبيق مسطرة الإكراه البدني .


 لقد أخذ المشرع المغربي موقفا وسطا من نظام الإكراه البدني ، فلم يقم بإلغائه تماما ، كما لم يأخذ به على إطلاقه ، إلا أنه سعى إلى تعزيز ضمانات المدين المزمع إكراهه بدنيا ، وذلك تفاديا للمس المجاني بحريته ، فعمل على تحديد نطاق تطبيق مسطرة الإكراه البدني ، وحدد لها شروطا وإجراءات دقيقة ، يتعين على طالب الإكراه سلوكها .

 ويخضع مجال تطبيق الإكراه البدني لقوانين مختلفة تختلف حسب طبيعة الديون المنصب عليها ، التي تنقسم إلى نوعين من الديون ، ديون خصوصية نظم مسطرتها المشرع من خلال قانون المسطرة الجنائية وظهير 20 فبراير 1961 ، وديون عمومية منظمة في إطار قانون رقم 15/97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية ، وبعض النصوص الخاصة الأخرى . 

وتتميز مسطرة الإكراه البدني في كل من الديون الخصوصية ( الفقرة الأولى ) ، والديون العمومية بخصوصيات معينة تميزها عن الأخرى ( الفقرة الثانية ) .


 الفقرة الأولى : مسطرة الإكراه البدني في الديون الخصوصية .

 يعتبر الإكراه البدني في الديون الخصوصية وسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على تنفيذ الحكم الصادر ضده بأداء مبلغ مالي ، وذلك في حالة فشل وسائل التنفيذ العادية المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية في الوصول إلى النتيجة المرجوة منها ، والديون الخصوصية في هذا الإطار قد تنتج إما عن دعوى مدنية مستقلة تقضي بأداء معين ( أولا ) أو عن دعوى مدنية تابعة ( ثانيا ) 


أولا : الإكراه البدني في إطار الدعوى المدنية الأصلية . 

يمكن لكل دائن بمبلغ معين اللجوء إلى القضاء المدني ، لاستصدار حكم بالأداء وتنفيذه ، لكن في حالة امتناع المين عن التنفيذ طوعا ، وفشل طرق التنفيذ العادية في الوصول إلى نتيجة معينة ، فقد أجاز المشرع للدائن من خلال ظهير 20 فبراير 1961 ، متابعة تنفيذ هذا الحكم عن طريق سلوك مسطرة الإكراه البدني ، وهكذا فقد نص الفصل الأول منه على أن " تنفيذ جميع الأحكام أو القرارات النهائية الصادرة باداء مبلغ مالي يمكن أن يتابع عن طريق الإكراه البدني"


للتحميل اضغط هنا 

شارك الكتاب لتنفع به غيرك

قد تعجبك هذه الكتب أيضاً

اكتب مراجعة

0 مراجعة

https://www.droitmarocain.com/